محمد آل الشيخ: الضريبة نوع من التعاون على البر والتقوى..وامتدادا لعقد التراضي الاجتماعي!
988998
صحيفة المرصد: انتقد الكاتب الصحفي محمد آل الشيخ، رجال الدين الذين يحرموا "الضريبة" التي تفرضها الدولة، مشيرًا إلى أن من يفعل ذلك له أهداف سياسية أو انتماءات متأسلمة مسيسة، ومؤكدًا أنها نوع من التعاون على البر والتقوى ومصلحة للجميع.
الضرائب والمكوس
التعاون على البر والتقوى
وأضاف آل الشيخ: "قياس السروريين ومعهم بعض الجهلاء من رجال الدين الضرائب بالمكوس المحرمة، التي كانت في الجاهلية، وحذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم، هو قياس فاسد، أو هو على الأقل قياس مع وجود الفارق. فالمكس وجمعها مكوس، هي (أتاوة) كانت تأخذها بعض القبائل العربية، وكذلك قطاع الطرق، ممن مر في أرضهم، وتُسمى قبل قيام الدولة السعودية (الخوة) باللغة الدارجة، بينما (الضريبة) المعاصرة، وكذلك الرسوم الحكومية على الخدمات، والجمارك، تتقاضاها الدولة المركزية من الأفراد والمنشآت الأهلية، مقابل ما توفره لهم من خدمات في المجالات الحياتية، لتُؤمّن بها لهم أن يعيشوا عيشة هنيئة مستقرة. فالضريبة إذا نظرت إليها من هذه الزاوية (الموضوعية) فإنها نوع من أنواع التعاون على البر والتقوى المندوب شرعا، وفيها مصلحة للجميع. وهي تأتي امتدادا لعقد التراضي الاجتماعي بين الحاكم والمحكومين، في حين أن القبول والتراضي من حيث المبدأ لا يتوفر في المكوس، بل هي تؤخذ بالقوة والإكراه".
اقتصاد الدول
وتابع: "الأمر الآخر، والمفصلي، أن الضرائب كمصدر من مصادر تمويل اقتصاد الدول، هي أساس مبدئي لدولة (الوطن) في العصر الحديث، فضرب من ضروب المستحيل أن تقوم دولة بمهامها، وتصرف على موظفيها، وتؤمن أمنها الداخلي والخارجي، ما لم تعتمد على الضرائب؛ وأريد من أولئك الجهلة المتمشيخين أن يدلني على طريق آخر غير هذا الطريق، إذا كانت الزكاة لا تكفي إطلاقا، بما تقتضيه موازنات الدول، كما أن جهاد الغزو الذي كان مصدرا من مصادر الدخل للدولة في الأزمان الماضية، هو اليوم ضرب من ضروب المستحيل".
الدولة الحديثة
ومضى الكاتب الصحفي بقوله: "كان علماء الأصول يقولون: (الحكم على الشيء جزء من تصوره)، إلا أن بعض هؤلاء المشايخ، وبالذات الغلاة المتشددين منهم، يسمحون لأنفسهم الإدلاء بآرائهم، والتصدي للفتوى، وهم - إذا أحسنّا الظن بهم - يجهلون العلوم المعاصرة، الاقتصادية، والمالية، والسياسية، والأهم من كل ذلك الاختلاف الجذري بين الدولة في عصور السلف، والدولة الحديثة في عصرنا".
وأختتم الكاتب مقالته: "لذلك فإنني أؤكد لهؤلاء الحركيين على وجه الخصوص أن المواطن اليوم، بما لديه من وسائل للإطلاع، لا يمكن أن يغرروا به، مثلما كانوا يفعلون في القرن الماضي".